هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةقاطع الصلاة 2Osy2أحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قاطع الصلاة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
????
زائر
Anonymous



قاطع الصلاة Empty
مُساهمةموضوع: قاطع الصلاة   قاطع الصلاة I_icon_minitimeالأربعاء أغسطس 15, 2012 4:37 pm

حكم تارك الصلاة





إن الحمد لله نحمده ونستعينه
ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله
فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أما بعد :

فإن مما " لا يختلف ]فيه
[المسلمون ، أن ترك الصلاة المفروضة عمداً من أعظم الذنوب ، وأكبر الكبائر ،
وأن إثمه أعظم من إثم قتل النفس ، وأخذ الأموال ، ومن إثم الزنا ، والسرقة
، وشرب الخمر ، وأنه معرض لعقوبة الله وسخطه ، وخزيه في الدنيا والآخرة
"[1] .


وقد وردت الآيات القرآنية تترى في تعظيم قدر الصلاة ، وبيان شديد إثم تاركها أو المتهاون بها :

قال تعالى :

]فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ، إلا من تاب ..[[2] .

وقال سبحانه :

] فويل للمصلين ، الذين هم عن صلاتهم ساهون ، الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون [[3].

وقال جل شأنه :

] ما سلككم في سقر ، قالوا لم نك من المصلين[ [4] .

... إلى غير ذلك من آيات كريمات ، تقرع الآذان ، وتصك الأسماع .

وقد جاءت أحاديث عدة عن النبي صلى الله
عليه وسلم أخبر فيها عن عظيم الذنب الذي يتلبس به تارك الصلاة ، أو
المتهاون بها ، أو المتخاذل عنها :


فقال صلى الله عليه وسلم :

" بين العبد وبين الشرك ترك الصلاة "[5] .

وقال صلى الله عليه وسلم :

" العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر "[6] .

وقال صلى الله عليه وسلم :

" من ترك الصلاة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله "[7] .

قلت: وإزاء هذه النصوص القرآنية ، والنبوية: اختلف الأئمة والعلماء في تكفير متعمد ترك الصلاة :

قال الإمام البغوي في " شرح السنة " ( 2 / 178 ـ 179 ) :

" اختلف أهل العلم في تكفير تارك الصلاة المفروضة عمداً ... " .

ثم ذكر طائفة من أسماء المختلفين في ذلك .

وقال الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 1 / 369 ) تعليقاً على حديث جابر المتقدم إيراده :

" الحديث يدل على أن ترك الصلاة من موجبات
الكفر ، ولا خلاف بين المسلمين في كفر من ترك الصلاة منكراً لوجوبها ، إلا
أن يكون قريب عهد بالإسلام ، أو لم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب
الصلاة .


وإن كان تركه لها تكاسلاً مع اعتقاده لوجوبها – كما هو حال كثير من الناس [8] - فقد اختلف الناس في ذلك ... " .

ثم نقل – بعد ذلك نبذاً من الخلاف – مشهور
قول " الجماهير من السلف والخلف – منهم مالك والشافعي – إلى أنه لا يكفر ،
بل يفسق ، فإن تاب وإلا قتلناه حداً ، كالزاني المحصن ..." إلخ ..


وقال ابن حبان في " صحيحه " ( 4 / 324 ) :

" أطلق المصطفى صلى الله عليه وسلم اسم
الكفر على تارك الصلاة؛إذ ترك الصلاة أول بداية الكفر ، لأن المرء إذا ترك
الصلاة واعتاده:ارتقى منه إلى ترك غيرها من الفرائض، وإذا اعتاد ترك
الفرائض : أداه ذلك إلى الجحد ، فأطلق صلى الله عليه وسلم النهاية التي هي
آخر شعب الكفر على البداية التي هي أول شعبها ، وهي ترك الصلاة " .


ثم قال رحمه الله مبوباً : " ذكر خبر يدل
على صحة ما ذكرنا : أن العرب تطلق اسم المتوقع من الشيء في النهاية على
البداية " ، وبعد إيراده قول النبي صلى الله عليه وسلم : " المِراءُ في
القرآن كفر " [9] ، قال :


" إذا مارى المرء في القرآن ؛ أداه ذلك –
إن لم يعصمه الله – إلى أن يرتاب في الآي المتشابه منه ، فأطلق صلى الله
عليه وسلم اسم الكفر – الذي هو الجحد – على بداية سببه الذي هو المِراءُ " .


فترك الصلاة شأن كبير ، وأمر خطير ، يودي - عياذاً بالله –إلى الردة عن الدين ، واللحوق بالكفار والمشركين .

وإذ اختلف العلماء والأئمة ، في هذه
المسألة المهمة: كان الواجب على طلاب العلم التأني والتوقي ، لا أن يعالجوا
كل تارك للصلاة بالوصم بالتكفير والردة ، بكل غلاظة وشدة ؛ إذ " [10]
الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام ، ودخوله في الكفر ؛ لا
ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس
النهار ، فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة ، المروية من طريق جماعة من
الصحابة [11] أن : " من قال لأخيه : يا كافر ؛ فقد باء بها أحدهما " ...
وفي لفظ في " الصحيح " : " ... فقد كفر أحدهما " .


ففي هذه الأحاديث وما ورد موردها أعظم زاجر ، وأكبر واعظ عن التسرع في التكفير .

وقد قال الله عز وجل : ] ولكن من شرح
بالكفر صدراً [[12] ؛ فلا بد من شرح الصدر بالكفر ، وطمأنينة القلب به ،
وسكون النفس إليه "[13] .


نعم ؛ قد تدفع الغيرة والعاطفة بعض أهل
العلم ، أو طلابه إلى الحكم بتكفير كل تارك للصلاة ، دون اعتبار لجحود أو
كسل ! حرصاً – في ظنهم – على الترهيب الشديد من هذا العمل الجلل ، ورغبة –
كما توهموا – في درء أي تساهل في الصلاة وحكمها ( قد ) يؤدي إلى التسيب في
هذا الركن الإسلامي العظيم !


وقد يستدل ( بعض ) من هؤلاء العلماء أو
الطلاب على ذلك بشيء من الأدلة القرآنية أو النبوية التي سبقت أو غيرها ،
لكن دون جمع بين الدلائل الواردة في هذه المسألة سلباً أو إيجاباً – حيناً –
أو بتقصير في هذه الجمع – أحياناً - ! !


ولست في هذه المقدمة – فضلا عما سيأتي في
رسالة شيخنا – بمستوعب القول في دلائل المختلفين في هذه المسألة العظيمة ،
وتحقيق مدارك الخلاف والنظر فيها ، فإن لهذا موضعاً آخر [14] ، ولكني أكتفي
هنا بذكر تنبيهات علمية مهمة قد تغيب عن عدد من طلاب العلم ، فأقول :


أولاً : قال الإمام المبجل أحمد بن حنبل في وصيته لتلميذه الإمام الحافظ مسدد بن مسرهد [15] :

" ... ولا يُخرِجُ الرجل من الإسلام شيء
إلا الشرك بالله العظيم ، أو يرد فريضة من فرائض الله عز وجل جاحداً بها ،
فإن تركها كسلاً أو تهاوناً : كان في مشيئة الله ؛ إن شاء عذبه ، وإن شاء
عفا عنه ... " [16] .


قلت :

وهذا هو صريح ما جاءنا في الكتاب والسنة بعموم الحكم ، وخصوص مسألة ترك الصلاة :

قال الله تعالى :

] إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [ .

وقال صلى الله عليه وسلم :

" خمس صلوات كتبهن الله على العباد ، فمن
جاء بهن ، ولم يضيع منهم شيئاً استخفافاً بحقهن ، كان له عند الله عهد أن
يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن، فليس له عند الله عهد ، إن شاء عذبه ، وإن
شاء أدخله الجنة " [17] .


ثانياً : قال الإمام محمد بن عبد
الوهاب،رحمه الله تعالى – كما في "الدرر السنية" (1/70) - ، جواباً على من
سأله عما يُكفَّرُ الرجل به ؟ وعما يُقاتل عليه ؟ فقال رحمه الله :


" أركان الإسلام الخمسة أولها الشهادتان ،
ثم الأركان الأربعة ؛ إذا أقر بها وتركها تهاوناً ، فنحن وإن قاتلناه على
فعلها ، فلا نكفره بتركها ، والعلماء اختلفوا في كفر التارك لها كسلاً من
غير جحود ، ولا نكفر إلا ما أجمع عليه العلماء كلهم ؛ وهو الشهادتان " .


ثالثاً : يستدل بعض أهل العلم في تكفيرهم تارك الصلاة بآية من القرآن العظيم يجعلونها عماد أدلتهم في التكفير ؛ وهي قوله

جل شأنه :

] فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين [ [18] .

قالوا : وجه الدلالة من الآية أن الله
تعالى اشترط لثبوت الأخوة بيننا وبين المشركين إقام الصلاة ، فمن لم يقم
بها ، فلا يعد أخاً لنا في الدين !


فالجواب على هذا الاستدلال من وجهين :

الأول : قال الإمام ابن عطية في " المحرر الوجيز " ( 8 / 139 – طبع المغرب ) :

" تابوا : رجعوا عن حالهم ، والتوبة منهم تتضمن الإيمان " .

فإقامة الصلاة مشروطة ومسبوقة بالتوبة
التي هي متضمنة للإيمان ، إذ ذكر الله التوبة قبل ذكر الصلاة أو الزكاة ،
فدل ذلك على أنها هي قاعدة الأصل في الحكم بأخوة الدين .


لذا قال الطبري في " جامع البيان " ( 18 / 86 ) :

" يقول جل ثناؤه : فإن رجع هؤلاء المشركون
– الذين أمرتكم أيها المؤمنون بقتلهم – عن كفرهم وشركهم بالله إلى الإيمان
به وبرسوله ، وأنابوا إلى طاعته ، وأقاموا الصلاة المكتوبة ، فأدوها
بحدودها، وآتوا الزكاة المفروضة أهلها: فهم إخوانكم في الدين الذي أمركم
الله به ، وهو الإسلام " .


ويدل على ما سبق :

الوجه الثاني :

أنه قرن بالصلاة الزكاة ، فهل من تاب وأقام الصلاة لكنه لم يزك : لا يكون أخاً في الدين ، عليه ما على المسلمين ، وله ما للمسلمين ؟!

إن قيل : لا ، بل هو أخ في الدين !

قلنا : ما هو دليل التفريق في الآية بين الصلاة والزكاة ، وهما مذكورتان بالترتيب والتساوي عقيب التوبة ؟

وإن قيل : ليس أخاً في الدين !!

قلنا : هذا باطل من القول بيقين ، ليس عليه أي دليل !

رابعاً : عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" يدرس الإسلام كما يدرس وشيء الثوب ، حتى لا يدرى ما صيام ، ولا صلاة ، ولا نسك ، ولا صدقة .

وليسري على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا
يبقى في الأرض منه آية ، وتبقى طوائف من الناس : الشيخ الكبير، والعجوز،
يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة :" لا إله إلا الله " فنحن نقولها " .


رواه ابن ماجة ( 4049 ) والحاكم ( 4 / 473
) من طريق أبي معاوية ، عن أبي مالك الأشجعي ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة
بن اليمان مرفوعاً .


وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ، وصححه –
أيضاً – البوصيري في " مصباح الزجاجة " ، وقواه الحافظ ابن حجر في " فتح
الباري " ( 13 / 16 ) .


وقد أعل [19] ( بعضهم ) الحديث وضعفه ؛ لكلام في أبي معاوية ! وهو غير ضاره .

ومع ذلك فقد خفيت ( عليهم ) متابعة جليلة :

فقد روى الحديث عن أبي مالك : أبو عوانة بإسناده ومتنه ، كما قال البوصيري في " المصباح "

( 3 / 254 ) .

وأبو عوانة : ثقة ثبت رضي .

وقال شيخنا الألباني في كتابه المعطار " سلسلة الأحاديث الصحيحة " ( 1 / 130 – 132 ) تعليقاً على هذا الحديث الصحيح :

" هذا وفي الحديث فائدة فقهية هامة ؛ وهي
أن شهادة أن لا إله إلا الله تنجي قائلها من الخلود في النار يوم القيامة
ولو كان لا يقوم بشيء من أركان الإسلام الخمسة الأخرى كالصلاة وغيرها .


ومن المعلوم أن العلماء اختلفوا في حكم
تارك الصلاة خاصة ، مع إيمانه بمشروعيتها ، فالجمهور على أن لا يكفر بذلك ،
بل يفسق ، وذهب أحمد ] فيما يذكر عنه [[20] إلى أنه يكفر بتركها ، وأنه
يقتل ردة ، لا حداً .


وقد صح عن الصحابة أنهم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. رواه الترمذي والحاكم [21].

وأنا أرى أن الصواب رأي الجمهور ، وأن ما
ورد عن الصحابة ليس نصاً على أنهم كانوا يريدون بـ ( الكفر ) هنا الكفر
الذي يخلد صاحبه في النار ولا يحتمل أن يغفره الله له ، كيف ذلك وحذيفة بن
اليمان – وهو من كبار أولئك الصحابة – يرد على صلة ابن زفر وهو يكاد يفهم
الأمر على نحو فهم أحمد له ، فيقول : " ما تُغني عنهم لا إله إلا الله ،
وهم لا يدرون ما صلاة ... " فيجيبه حذيفة بعد إعراضه عنه : " يا صلة تنجيهم
من النار " ثلاثاً .


فهذا نص من حذيفة رضي الله عنه على أن
تارك الصلاة ، - ومنها بقية الأركان [22] - ليس بكافر ، بل هو مسلم ناج من
الخلود في النار يوم القيامة .


فاحفظ هذا فإنك قد لا تجده في غير هذا المكان .

ثم وقفت على " الفتاوى الحديثية " ( 84 / 2
) للحافظ السخاوي ، فرأيته يقول بعد أن ساق بعض الأحاديث الواردة في تكفير
تارك الصلاة وهي مشهورة معروفة :


" ولكن كل هذا إنما يحمل على ظاهره في حق
تاركها جاحداً لوجوبها مع كونه ممن نشأ بين المسلمين ، لأنه يكون حينئذ
كافراً مرتداً بإجماع المسلمين ، فإن رجع إلى الإسلام قبل منه ، وإلا قتل .


وأما من تركها بلا عذر ، بل تكاسلاً ، مع
اعتقاده بوجوبها ، فالصحيح المنصوص الذي قطع به الجمهور أنه لا يكفر ، وأنه
– على الصحيح أيضاً – بعد إخراج الصلاة الواحدة عن وقتها الضروري – كأن
يترك الظهر مثلاً حتى تغرب الشمس ، أو المغرب حتى يطلع الفجر – يستتاب كما
يستتاب المرتد ، ثم يقتل إن لم يتب ، ويغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر
المسلمين ، مع إجراء سائر أحكام المسلمين عليه .


ويؤول إطلاق الكفر عليه لكونه شارك الكافر
في بعض أحكامه ، وهو وجوب العمل ، جمعاً بين هذه النصوص وبين ما صح أيضاً
عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " خمس صلوات كتبهن الله – فذكر الحديث ،
وفيه : " إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له " [23]


، وقال أيضاً : " من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة " [24] ، إلى غير ذلك .

ولهذا لم يزل المسلمون يرثون تارك الصلاة ويورثونه ، ولو كان كافراً لم يغفر له ، ولم يرث ولم يورث " اهـ .

خامساً : يجيب بعض أهل العلم على عدد من
الأحاديث الواردة في هذه المسألة مما يفيد شمول عفو الله سبحانه ومغفرته
ورحمته لبعض من تاركي الصلاة التي هي دون الشرك – كما قال جل شأنه : ] إن
الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [ - كمثل حديث البطاقة
[25] ، وحديث الشفاعة الآتي وغيرها من الأحاديث ، بأن يقول ( هؤلاء ) : "
هذه أحاديث ( عامة ) وأحاديث تكفير تارك الصلاة ( خاصة ) " !


أقول : ولو عكس ( هؤلاء ) – وفقهم الله –
قولهم لكانوا أقرب إلى الصواب ! كما هو معروف من قاعدة الوعد والوعيد [26]
عند أهل السنة فيما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مواضع عدة من
كتبه كـ " مجموع الفتاوى " ( 4 / 484 ) ، ( 8 / 270 ) ، ( 11 / 648 ) ، (
23 / 305 ) وغيره .


وخلاصة القول في هذه القاعدة :

أن نصوص الوعيد داخلة تحت مشيئة الله سبحانه ، إما عفواً ، وإما تنفيذاً .

وأما نصوص الوعد فإن الله منفذها ، كما كتب – سبحانه - على نفسه [27] .

وفي ذلك يقول من يقول من أهل العلم مستدلاً على أصل هذه القاعدة :

وإني وإن أوعدته أو وعدته

لمخلف إيعادي ومنجز موعدي [28]

وأنظر " شرح العقيدة الطحاوية " ( ص 318 ) .

سادساً : من أعجب العجب – بعد ما سبق – أن
يقول ( البعض ) واصفاً القول بعدم تكفير تارك الصلاة ، مع إثبات فسقه
وفجوره : بأنه إرجاء ؟!


فما هو الإرجاء عند هؤلاء ؟!

وما هي حدوده [29] ؟! وما هي ضوابطه ؟!

.. وبعد هذا السابق كله ؛ فإننا نؤكد
ونبين بكل صراحة ووضوح أن تارك الصلاة مجرم فاجر ، وآثم فاسق ، يخشى عليه –
عياذ بالله – من الردة والكفر ، والخروج من الإسلام والشرك ، إن لم يسارع
بالتوبة والإنابة ، والاستغفار والهداية ، أو إن لم يتغمده الله – سبحانه –
بعفوه وعنايته .


وأخيرا :

" فإن هذه المسألة من مسائل العلم الكبرى ،
وقد تنازع فيها أهل العلم سلفاً وخلفاً " [30] ، فالبحث فيها يجب أن يكون
بروح طيبة وعقل منير، ونظر سديد ، بعيد عن التعصب ، مع اطراح التقليد ، إذ
هذا كله يوصل إلى معرفة الحق ، والوقوف عليه ، والدعوة إليه .


وهذه الرسالة [31] لشيخنا العلامة المحدث
المحقق محمد ناصر الدين الألباني – حفظه الله سبحانه – مثال حسن على ما
قدمته ، نقدمها للإخوة القراء ، رغبة في نشر العلم ، وطمعاً في تحصيل
الثواب ، واستجابة لأمر الله سبحانه بالرد – عند الاختلاف – إليه وإلى
رسوله صلى الله عليه وسلم :


] ... فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً [ .

فلا يمنعن أحداً من قارئي هذه الرسالة
إلفُهُ أو عادته ، أو ما نشأ عليه أو تلقنه : من أن يقبل الحق وينصاع إليه ،
ويجاهد دونه ، إذ الحق أغلى ما يطلب ، وأعز ما يرغب .


فالله العظيم نسأل التوفيق والسداد ، والرشد والرشاد ، وهداية من صل من العباد ، وقصم من تلبس بالكفر والعناد .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .



وكتب :

علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد

الحلبي الأثري

يوم الأربعاء : السابع عشر من شهر رجب

سنة اثنتي عشرة وأربع مئة وألف للهجرة .



مقدمة المؤلف



إن الحمد لله ، نحمده و نستعينه و نستغفره
، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل
له و من يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .

و أشهد أن محمدا عبده و رسوله .

أما بعد : فهذا بحث علمي لطيف ، في تخريج و
شرح حديث نبوي شريف ، أصله من أحاديث المجلد السابع من كتابي : (( سلسلة
الأحاديث الصحيحة ))([32]) ، و رأيت إفراده بالنشر لأهميته و كبير فائدته ،
و ذلك بعد أن رآه بعض إخواننا ، فاقترح علي نشره مفردا ، من باب الاستعجال
بالخير ، فوافق ذلك ما عندي ، فدفعت صورة منه إلى صاحبنا و تلميذنا الشاب
علي بن حسن الحلبي ليقوم بتهيئته للنشر ، و إعداده للطبع ، مع كتابة مقدمة
علمية له ، تقرب فوائده للقراء الأفاضل .


و قد فعل ذلك كله – جزاه الله خيرا – ؛ ثم أشرف على طباعته ، و تصحيحه ، و مراجعته .

و في آخر هذه المقدمة الوجيزة ، أسأل الله سبحانه أن ينفع بهذا البحث العلمي من يقرؤه و ينظر فيه ، إنه سميع مجيب .

فأقول و بالله التوفيق :



متن الحديث :

روى الإمام معمر بن راشد في (( الجامع )) (
11 / 409 – 411 ، الملحق بـ (( مصنف عبد الرزاق([33]) )) ) عن زيد بن أسلم
، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال :


قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

(( إذا خلص المؤمنون من النار و أمنوا ،
فـ [ و الذي نفسي بيده ] ما مجادلة أحدكم لصاحبه في الحق يكون له في الدنيا
بأشد من مجادلة المؤمنين لربهم في إخوانهم الذين أدخلوا النار .


قال : يقولون : ربنا ! إخواننا كانوا يصلون معنا ، و يصومون معنا ، و يحجون معنا ، [ و يجاهدون معنا ] ، فأدخلتهم النار !

قال : فيقول : اذهبوا ، فأخرجوا من عرفتم منهم .

فيأتونهم ؛ فيعرفونهم بصورهم ، لا تأكل
النار صورهم ، [ لم تغش الوجه ] ، فمنهم من أخذته النار إلى أنصاف ساقيه ، و
منهم من أخذته إلى كعبيه([34]) ، [ فيخرجون منها بشرا كثيرا ] ، فيقولون :
ربنا ! قد أخرجنا من أمرتنا .


قال : ثم [ يعودون فيتكلمون فـ ] يقول : أخرجوا من كان في قلبه مثقال دينارمن الإيمان .

[ فيخرجون خلقا كثيرا ] ثم [ يقولون : ربنا ! لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا.

ثم يقول : ارجعوا ، فـ ] من كان في قلبه
وزن نصف دينار [ فأخرجوه ، فيخرجون خلقا كثيرا ، ثم يقولون : ربنا لم نذر
فيها ممن أمرتنا ... ] ..


حتى يقول : أخرجوا من كان في قلبه مثقال ذرة [ فيخرجون خلقا كثيرا ] .

قال أبو سعيد :

فمن لم يصدق بهذا الحديث فليقرأ هذه الآية :

] إن الله لا يظلم مثقال ذرة و إن تك حسنة يضاعفها و يؤت من لدنه أجرا عظيما [([35]).

قال : فيقولون : ربنا قد أخرجنا من أمرتنا ، فلم يبق في النار أحد فيه خير !

قال : ثم يقول الله : شفعت الملائكة ، و شفعت الأنبياء ، و شفع المؤمنون ، و بقي أرحم الراحمين .

قال : فيقبض قبضة من النار – أو قال : قبضتين – ناسا لم يعملوا خيرا قط ، قد احترقوا حتى صاروا حمما .

قال : فيؤتى بهم إلى ماء يقال له : (
الحياة ) ، فيصب عليهم ، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ، [ قد
رأيتموها إلى جانب الصخرة ، و إلى جانب الشجرة ، فما كان إلى الشمس منها
كان أخضر ، و ما كان منها إلى الظل كان أبيض ] .


قال : فيخرجون من أجسادهم مثل اللؤلؤ ، و في أعناقهم الخاتم ( و في رواية : الخواتم ) ، عتقاء الله .

قال : فيقال لهم : ادخلوا الجنة ، فما
تمنيتم و رأيتم من شيء فهو لكم [ و مثله معه ]([36]) ، [ فيقول أهل الجنة :
هؤلاء عتقاء الرحمن ، أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه ، و لا خير قدموه] .


قال : فيقولون : ربنا ! أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين !

قال : فيقول : فإن لكم عندي أفضل منه !

فيقولون : ربنا ! و ما أفضل من ذلك ؟

[ قال : ] فيقول : رضائي عنكم ، فلا أسخط عليكم أبدا )) .



تخريجه :

و إسناده صحيح على شرط الشيخين .

و هو من رواية عبد الرزاق عن معمر :

و من طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد ( 3 / 94
) و النسائي ( 2 / 271 ) و ابن ماجة ( رقم : 60 ) و ابن خزيمة في ((
التوحيد )) ( ص 184 و 201 و 212 ) و ابن نصر المروزي في (( تعظيم قدر
الصلاة )) ( رقم : 276 ) .


و تابع عبد الرزاق :

محمد بن ثور ، عن معمر ، به ، لم يسق لفظه ، و إنما قال : بنحوه .

يعني حديث هشام بن سعد الآتي تخريجه .

و تابع معمرا جماعة :



أولا: سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أسلم ، به ، أتم منه ، و أوله : (( هل تضارون في رؤية الشمس و القمر ... )) الحديث بطوله .

أخرجه البخاري ( 7439 ) و مسلم ( 1 / 114 – 117 ) و ابن خزيمة أيضا ( ص 201 ) و ابن حبان ( 7333 – الإحسان ) .

ثانيا : حفص بن ميسرة ، عن زيد :

أخرجه مسلم ( 1 / 114 – 117 ) ، و كذا البخاري ( 4581 ) و لكنه لم يسقه بتمامه ، و كذا أبو عوانة ( 1 / 168 – 169 ) .

ثالثا : هشام بن سعد ، عن زيد :

أخرجه أبو عوانة ( 1 / 181 – 183 ) بتمامه
، و ابن خزيمة ( ص 200 ) ، و الحاكم ( 4 / 582 – 584 ) و صححه ، و كذا
مسلم ( 1 / 17 ) إلا أنه لم يسق لفظه ، و إنما أحال به على لفظ حديث حفص بن
ميسرة ، نحوه .


و تابع زيدا :

سليمان بن عمرو بن عبيد العتواري – أحد
بني ليث ، و كان في حجر أبي سعيد – قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ...


فذكره نحوه مختصرا ، و فيه الزيادة الثالثة .

أخرجه أحمد ( 3 / 11 – 12 ) و ابن خزيمة (
ص 211 ) و ابن أبي شيبة في (( المصنف )) ( 13 / 176 / 16039 ) و عنه ابن
ماجة ( 4280 ) و ابن جرير في (( التفسير )) ( 16 / 85 ) و يحيى بن صاعد في
(( زوائد الزهد )) ( ص 448 / 1268 ) ، و الحاكم ( 4 / 585 ) و قال :


(( صحيح الإسناد على شرط مسلم )) !

و بيض له الذهبي !!

و إنما هو حسن فقط ، لأن فيه محمد بن إسحاق ، و قد صرح بالتحديث .



فقهه :

بعد تخريج هذا الحديث هذا التخريج الذي قد
لا تراه في مكان آخر ، و بيان أنه متفق عليه بين الشيخين و غيرهما من أهل
(( الصحاح )) و (( السنن )) و (( المسانيد )) ، أقول :


في هذا الحديث فوائد جمة عظيمة ، منها :
شفاعة المؤمنين الصالحين في إخوانهم المصلين الذين أدخلوا النار بذنوبهم ،
ثم بغيرهم ممن هو دونهم ، على اختلاف قوة إيمانهم .


ثم يتفضل الله تبارك و تعالى على من بقي في النار من المؤمنين ، فيخرجهم من النار بغير عمل عملوه ، و لا خير قدموه .

و لقد توهم ( بعضهم ) أن المراد بالخير المنفي تجويز إخراج غير الموحدين من النار !

قال الحافظ في (( الفتح )) ( 13 / 429 ) :
(( و رد ذلك بأن المراد بالخير المنفي ما زاد على أصل الإقرار بالشهادتين ،
كما تدل عليه بقية الأحاديث )) .


قلت : منها قوله صلى الله عليه و سلم في حديث أنس الطويل في الشفاعة أيضا :

(( فيقال : يا محمد ! ارفع رأسك ، و قل تسمع ، و سل تعطه ، و اشفع تشفع.

فأقول : يا رب ائذن لي فيمن قال : لا إله إلا الله .

فيقول : و عزتي و جلالي و كبريائي و عظمتي لأخرجن منها من قال : لا إله إلا الله )) .

متفق عليه ، و هو مخرج في (( ظلال الجنة )) ( 2 / 296 ) .

و في طريق أخرى عن أنس :

(( ... و فرغ الله من حساب الناس ، و أدخل
من بقي من أمتي النار ، فيقول أهل النار : ما أغنى عنكم أنكم كنتم تعبدون
الله عز و جل لا تشركون به شيئا ؟


فيقول الجبار عز و جل : فبعزتي لأعتقنهم من النار .

فيرسل إليهم ، فيخرجون و قد امتحشوا ، فيدخلون في نهر الحياة ، فينبتون ... )) الحديث .

أخرجه أحمد و غيره بسند صحيح ، و هو مخرج
في (( الظلال )) تحت الحديث ( 844 ) ، و له فيه شواهد ( 843 – 843 )([37]) ،
و في (( الفتح )) ( 11 / 455 ) شواهد أخرى .


و في الحديث([38]) رد على استنباط ابن أبي
جمرة من قوله صلى الله عليه و سلم فيه : (( لم تغش الوجه )) ، و نحوه
الحديث الآتي بعده : (( إلا دارات الوجوه )) : (( أن من كل من مسلما و لكنه
كان لا يصلي لا يخرج [ من النار ] إذ لا علامة له )) !


و لذلك تعقبه الحافظ بقوله ( 11 / 457 ) :

(( لكنه يحمل على أنه يخرج في القبضة ،
لعموم قوله : (( لم يعملوا خيرا قط )) ، و هو مذكور في حديث أبي سعيد الآتي
في ( التوحيد ) )) .


يعني هذا الحديث .

و قد فات الحافظ – رحمه الله – أن في
الحديث نفسه تعقبا على ابن أبي جمرة من وجه آخر ، و هو أن المؤمنين لما
شفعهم الله في إخوانهم المصلين و الصائمين و غيرهم في المرة الأولى ،
فأخرجوهم من النار بالعلامة ، فلما شفعوا في المرات الأخرى ، و أخرجوا بشرا
كثيرا ، لم يكن فيهم مصلون بداهة ، و إنما فيهم من الخير كل حسب إيمانهم .


و هذا ظاهر جدا لا يخفى على أحد إن شاء الله .



مباحث و مناقشات :

و على ذلك فالحديث دليل قاطع على أن تارك الصلاة إذا مات مسلما يشهد أن لا إله إلا الله : أنه لا يخلد في النار مع المشركين .

ففيه دليل قوي جدا أنه داخل تحت مشيئة الله تعالى في قوله : ] إن الله لا يغفر أن يشرك به ، و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء [ .

و قد روى الإمام أحمد في (( مسنده )) ( 6 /
240 ) حديثا صريحا في هذا من رواية عائشة رضي الله عنها ، مرفوعا بلفظ :
(( الدواوين عند الله عز و جل ثلاثة ... )) الحديث ...


وفيه :

" ... فأما الديوان الذي لا يغفره الله فالشرك بالله ، قال عز وجل : ] من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة [ [39] .

وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئاً
فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه من صوم يوم تركه ، أو صلاة تركها ، فإن
الله عز وجل يغفر ذلك ويتجاوز إن شاء ... " الحديث ...


و قد صححه الحاكم ( 4 / 576 ) .

و هذا و إن كان غير مسلم عندي لما بينته
في (( تخريج الطحاوية )) ( ص 367 – الطبعة الرابعة ) ، فإنه يشهد له هذا
الحديث الصحيح ، فتنبه .


إذا عرفت ما سلف – يا أخي المسلم – فإن
عجبي لا يكاد ينتهي من إغفال جماهير المؤلفين الذين توسعوا في الكتابة في
هذه المسألة الهامة ألا و هي : هل يكفر تارك الصلاة كسلا أم لا ؟


لقد غفلوا جميعا([40]) – فيما اطلعت – عن إيراد هذا الحديث الصحيح مع اتفاق الشيخين و غيرهما على صحته !

لم يذكره من هو حجة له ، و لم يجب عنه من
هو حجة عليه ! و بخاصة منهم الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى ، فإنه مع
توسعه في سوق أدلة المختلفين في كتابه القيم (( الصلاة )) ، وجواب كل منهم
عن أدلة مخالفه ؛ فإنه لم يذكر هذا الحديث في أدلة المانعين من التكفير ؛
إلا مختصرا اختصارا مخلا ، لا يظهر دلالته الصريحة على أن الشفاعة تشمل
تارك الصلاة أيضا ؛ فقد قال([41]) رحمه الله :


(( و في حديث الشفاعة : يقول الله عز و جل
: (( و عزتي و جلالي ، لأخرجن من النار من قال لا إله إلا الله )) ؛ و فيه
: فيخرج من النار من لم يعمل خيرا قط )) .


قلت : و هذا السياق ملفق من حديثين :

فالشطر الأول منه : هو في آخر حديث أنس المتفق عليه و قد سبق أن ذكرت ( ص 33 ) الطرف الأخير منه .

و الشطر الآخر هو في حديث الكتاب :

(( ... فيقبض قبضة من النار ناسا لم يعملوا لله خيرا قط ... )) .

و أما أن اختصاره اختصار مخل ، فهو واضح
جدا إذا تذكرت أيها القارئ الكريم ما سبق أن استدركته على الحافظ ( ص 34
)([42]) متمما به تعقيبه على ابن أبي جمرة ؛ مما يدل على أن شفاعة المؤمنين
كانت لغير المصلين في المرة الثانية و ما بعدها ، و أنهم أخرجوهم من النار
.


فهذا نص قاطع في المسألة ينبغي به أن يزول
النزاع في هذه المسألة بين أهل العلم الذين تجمعهم العقيدة الواحدة التي
منها عدم تكفير أهل الكبائر من الأمة المحمدية ؛ و بخاصة في هذا الزمان
الذي توسع فيه بعض المنتمين إلى العلم في تكفير المسلمين لإهمالهم القيام
بما يجب عليهم عمله ، مع سلامة عقيدتهم ؛ خلافا للكفار الذين لا يصلون
تدينا و عقيدة ، و الله سبحانه و تعالى يقول : ] أفنجعل المسلمين كالمجرمين
ما لكم كيف تحكمون [ ؟!


.. لما تقدم كنت أحب لابن القيم رحمه الله
أن لا يغفل ذكر هذا الحديث الصحيح كدليل صريح للمانعين من التكفير ، و أن
يجيب عنه إن كان لديه – رحمه الله – جواب ، و بذلك يكون قد أعطى البحث و
الإنصاف الفريقين دون تحيز لفئة .


نعم ؛ نه لمما يجب علي أن أنوه به أنه –
رحمه الله – عقد فصلا خاصا([43]) (( في الحكم على الفريقين ، و فصل الخطاب
بين الطائفتين )) يساعد الباحث على تفهم نصوص الفريقين فهما صحيحا ، فإنه
حقق في تحقيقا رائعا ما هو مسلم به عند العلماء أنه ليس كل كفر يقع فيه
المسلم يخرج به من الملة .


فمن المفيد أن أقدم إلى القارئ فقرات أو
خلاصات من كلامه تدل على مرامه ، ثم أعقب عليه بما يلزم مما يلتقي مع هذا
الحديث الصحيح ، و يؤيد المذهب الرجيح .


لقد أفاد – رحمه الله – ([44]) (( أن الكفر نوعان :

كفر عمل .

و كفر جحود و اعتقاد ...

و أن كفر العمل ينقسم إلى ما يضاد الإيمان
، و إلى ما لا يضاده ؛ فالسجود للصنم ، و الاستهانة بالمصحف ، و قتل النبي
و سبه يضاد الإيمان .


و أما الحكم بغير ما أنزل الله ، و ترك الصلاة ، فهو من الكفر العملي قطعا )) .

( قلت : هذا الإطلاق فيه نظر ، إذ قد يكون
ذلك من الكفر الاعتقادي أحيانا ، و ذلك إذا اقترن معه ما يدل على فساد
عقيدته ، كاستهزائه بالصلاة و المصلين ، و كإيثاره القتل على أن يصلي إذا
دعاه الحاكم إليها ، كما سيأتي ، فتذكر هذا ، فإنه مهم ) .


ثم قال رحمه الله :

(( و لا يمكن أن ينفى عنه اسم الكفر بعد أن أطلقه الله و رسوله عليه ، و لكن هو كفر عمل ، لا كفر اعتقاد .

و قد نفى رسول الله صلى الله عليه و سلم
الإيمان عن الزاني ، و السارق ، و شارب الخمر ، و عمن لا يأمن جاره بوائقه ،
و إذا نفى عنه اسم الإيمان فهو كافر من جهة العمل ، و انتفى عنه كفر
الجحود و الاعتقاد )) .


( قلت : لكني أرى أنه لا يصح أن يطلق على
أمثال هؤلاء لفظة الكفر ، فيقال مثلا : من زنى فقد كفر ، فضلا عن أنه لا
يجوز أن يقال : فهو كافر ، حتى على تارك الصلاة – أي أن يقال : كافر – ، و
على غيره ممن وصف في الحديث بالكفر ، وقوفا مع النص ، و من باب أولى أن لا
يقال : كافر حلال الدم !! ) .


ثم قال – رحمه الله – بعد أن ذكر الحديث الصحيح : (( سباب المسلم فسوق ، و قتاله كفر ))([45])

(( و معلوم أنه صلى الله عليه و سلم إنما
أراد الكفر العملي لا الاعتقادي ، و هذا الكفر لا يخرجه من الدائرة
الإسلامية و الملة بالكلية ، كما لم يخرج الزاني و السارق من الملة ، و إن
زال عنه اسم الإيمان .


و هذا التفصيل هو قول الصحابة الذين هم أعلم الأمة بكتاب الله ، و بالإسلام و الكفر ، و لوازمهما )) .

ثم ذكر الأثر المعروف [46]عن ابن عباس في
تفسير قوله تعالى : ] و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون [ قال
: (( ليس بالكفر الذي يذهبون إليه )) .


( قلت : زاد الحاكم : (( إنه ليس كفرا ينقل عن الملة ، كفر دون كفر )) ، و صححه هو ( 2 / 313 ) و الذهبي .

و هذا قاصمة ظهر جماعة التكفير ، و أمثالهم من الغلاة ) .

ثم قال ابن القيم رحمه الله :

(( و المقصود أن سلب الإيمان عن تارك
الصلاة أولى من سلبه عن مرتكب الكبائر ، و سلب اسم الإسلام عنه أولى من
سلبه عمن لم يسلم المسلمون من لسانه و يده ، فلا يسمى تارك الصلاة مسلما و
لا مؤمنا ، و إن كان معه شعبة من شعب الإسلام أو الإيمان )) .


( قلت : نفي التسمية المذكورة عن تارك
الصلاة : فيه نظر ، فقد سمى الله تعالى الفئة الباغية مؤمنة في الآية
المعروفة : ] و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ... [ ، مع
قوله صلى الله عليه و سلم في الحديث المتقدم : (( ... و قتاله كفر )) ،
فكما يلزم من وصف المسلم الباغي بالكفر نفي اسم المؤمن عنه فضلا عن اسم
المسلم ، فكذلك تارك الصلاة ، إلا إن كان يقصد بذلك النفي أنه مسلم كامل ! و
ذلك بعيد ) .


قال :

(( نعم ؛ يبقى أن يقال : فهل ينفعه ما معه من الإيمان في عدم الخلود في النار ؟

فيقال : ينفعه إن لم يكن المتروك شرطا في صحة الباقي و اعتباره .

و إن كان المتروك شرطا في اعتبار الباقي لم ينفعه .

فهل الصلاة شرط لصحة الإيمان ؟

هذا سر المسألة )) .

قلت : ثم أشار – رحمه الله – إلى الأدلة
التي كان ذكرها للفريق الأول المكفر ، ثم قال : (( و هي تدل على أنه لا
يقبل من العبد شيء من أعماله إلا بفعل الصلاة )) .


فأقول : يبدو لي جليا أن ابن القيم بعد
بحثه القيم في التفريق بين الكفر العملي و الكفر الاعتقادي ، و أن المسلم
لا يخرج من الملة بكفر عملي ، لم يستطع أن يحكم للفريق المكفر بترك الصلاة ،
مع الأدلة الكثيرة التي ساقها لهم ، لأنها كلها لا تدل على الكفر
العملي([47]) !


و لذلك ؛ لجأ أخيرا إلى أن يتساءل : (( هل ينفعه إيمانه ؟ و هل الصلاة شرط لصحة الإيمان ؟ )) .

قلت : إن كل من تأمل في جوابه على هذا
التساؤل يلاحظ أنه حاد عنه إلى القول بأن الأعمال الصالحة لا تقبل إلا
بالصلاة ! فأين الجواب عن كون الصلاة شرطا لصحة الإيمان ؟


أي : ليس فقط شرط كمال ، فإن الأعمال
الصالحة كلها شرط كمال عند أهل السنة([48]) ، خلافا للخوارج و المعتزلة
القائلين بتخليد أهل الكبائر في النار ، مع تصريح الخوارج بتكفيرهم .


فلو قال قائل بأن الصلاة شرط لصحة الإيمان
، و أن تاركها مخلد في النار ؛ فقد التقى مع الخوارج في بعض قولهم هذا ، و
أخطر من ذلك أنه خالف حديث الشفاعة هذا ؛ كما تقدم بيانه .


و لعل ابن القيم – رحمه الله – بحيدته عن
ذاك الجواب ، أراد أن يشعر القارئ بأهمية الصلاة في الإسلام من جهة ، و أنه
لا دليل على أنها شرط لصحة الإيمان من جهة أخرى .


و عليه ؛ فإن تارك الصلاة كسلا لا يكفر
عنده إلا إذا اقترن مع تركه إياها ما يدل على أنه كفر كفرا اعتقاديا ؛ فهو
في هذه الحالة – فقط – يكفر كفرا يخرج به من الملة ، كما تقدمت الإشارة
بذلك مني ، و هو ما يشعر به كلام ابن القيم في آخر هذا الفصل ، فإنه قال :


(( و من العجب أن يقع الشك في كفر من أصر
على تركها ، و دعي إلى فعلها على رؤوس الملأ ، و هو يرى بارقة السيف على
رأسه ، و يشد للقتل ، و عصبت عيناه ، و قيل له : تصلي و إلا قتلناك ؟!
فيقول : اقتلوني ، و لا أصلي أبدا ! )) .


قلت : و على مثل هذا المصر على الترك و
الامتناع عن الصلاة ، مع تهديد الحاكم له بالقتل : يجب أن تحمل كل أدلة
الفريق المكفر للتارك للصلاة .


و بذلك تجتمع أدلتهم مع أدلة المخالفين ، و
يلتقون على كلمة سواء ؛ أن مجرد الترك لا يكفر ، لأنه كفر عملي ، لا
اعتقادي كما تقدم عن ابن القيم .


و هذا ما فعله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه
الله ، - أعني أنه حمل تلك الأدلة هذا الحمل – فقال في (( مجموع الفتاوى
)) ( 22 / 48 ) ؛ و قد سئل عن تارك الصلاة من غير عذر : هل هو مسلم في تلك
الحال ؟!


فأجاب – رحمه الله – ببحث طويل ملئ علما ،
لكن المهم منه الآن ما يتعلق منه بحديثنا هذا ، فإنه بعد أن حكى أن تارك
الصلاة يقتل عند جمهور العلماء ؛ مالك و الشافعي و أحمد ، قال :


(( و إذا صبر حتى يقتل ، فهل يقتل كافرا مرتدا ، أو فاسقا كفساق المسلمين؟

على قولين مشهورين ، حكيا روايتين عن أحمد
، فإن كان مقرا بالصلاة في الباطن ، معتقدا لوجوبها ، يمتنع([49]) أن يصر
على تركها حتى يقتل و لا يصلي ، هذا لا يعرف من بني آدم و عادتهم ، و لهذا ؛
لم يقع قط في الإسلام ، و لا يعرف أن أحدا يعتقد وجوبها ، و يقال له : إن
لم تصل و إلا قتلناك ، و هو يصر على تركها مع إقراره بالوجوب ؛ فهذا لم يقع
قط في الإسلام .


و متى امتنع الرجل من الصلاة حتى يقتل لم
يكن في الباطن مقرا بوجوبها ؛ و لا ملتزما بفعلها ، فهذا كافر باتفاق
المسلمين ، كما استفاضت الآثار عن الصحابة بكفر هذا ، و دلت عليه النصوص
الصحيحة ، كقوله صلى الله عليه و سلم : (( ليس بين العبد و بين الكفر إلا
ترك الصلاة )) ، رواه مسلم [50].


فمن كان مصرا على تركها حتى يموت لا يسجد
لله سجدة قط ، فهذا لا يكون قط مسلما مقرا بوجوبها([51])، فإن اعتقاد
الوجوب ، و اعتقاد أن تاركها يستحق القتل ، هذا داع تام إلى فعلها ، و
الداعي مع القدرة يوجب وجود المقدور .


فإذا كان قادرا و لم يفعل قط علم أن الداعي في حقه لم يوجد ، و الاعتقاد التام لعقاب التارك باعث على الفعل .

لكن هذا قد يعارضه أحيانا أمور توجب تأخيرها ، و ترك بعض واجباتها ، و تفويتها أحيانا .

فأما من كان مصرا على تركها ، لا يصلي قط ، و يموت على هذا الإصرار و الترك فهذا لا يكون مسلما .

[font=Tahoma][size=9]لكن أكثر الناس يصلون تارة ، و يتركونها
تارة ، فهؤلاء ليسوا يحافظون عليها ، و هؤلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Beauty♥pop
مؤسسة المملكة
مؤسسة المملكة
Beauty♥pop


الجنس انثى مشاركاتي في مملكة احلام البنات : 2514
تاريخ الميلاد : 14/04/1996
تاريخ التسجيل : 03/09/2009
العمر : 28
الموقع : في المنتدى
العمل/الترفيه : تلميذة نشيطة
المزاج : فرحانة

بطاقة الشخصية
قائمة القابي:

قاطع الصلاة Empty
مُساهمةموضوع: رد: قاطع الصلاة   قاطع الصلاة I_icon_minitimeالأربعاء أغسطس 15, 2012 4:47 pm

بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز

وفي انتظار جديدك الأروع والمميز

لك مني أجمل التحيات

وكل التوفيق لك يا رب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://gagam.yoo7.com
????
زائر
Anonymous



قاطع الصلاة Empty
مُساهمةموضوع: رد: قاطع الصلاة   قاطع الصلاة I_icon_minitimeالأربعاء أغسطس 15, 2012 4:49 pm

انشاء الله وشكرا لكى قاطع الصلاة 2176328411
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Beauty♥pop
مؤسسة المملكة
مؤسسة المملكة
Beauty♥pop


الجنس انثى مشاركاتي في مملكة احلام البنات : 2514
تاريخ الميلاد : 14/04/1996
تاريخ التسجيل : 03/09/2009
العمر : 28
الموقع : في المنتدى
العمل/الترفيه : تلميذة نشيطة
المزاج : فرحانة

بطاقة الشخصية
قائمة القابي:

قاطع الصلاة Empty
مُساهمةموضوع: رد: قاطع الصلاة   قاطع الصلاة I_icon_minitimeالأربعاء أغسطس 15, 2012 5:25 pm

احلى الحلوات كتب:
انشاء الله وشكرا لكى قاطع الصلاة 2176328411
العفو ولو هذا واجبي يا قلبي
انت ابدعينا بما لديك وستجديننا حاضرين للرد والتقييم
موضوع يستحق الرد والتقييم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://gagam.yoo7.com
 
قاطع الصلاة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كيف تعشق الصلاة؟؟؟؟؟؟؟
» سبب بسيط يجعل الصلاة غير مقبولة
» قصيدة تحرك مشاعرك نحو الصلاة
»  ياقدس يا مدينة الصلاة ( الجزء الثاني )
» معنى الصلاة عن النبي صلى الله عليه وسلم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: _-°(اَلْوَحْي اَلْسَمَآوِيــىْ)°-_ :: *المنتدى الاسلامي*-
انتقل الى: