قطة مريم
ذات مساء قالت ماما لابنتها الصغيرة مريم: - في الصباح سوف أذهب إلى الوحدة الصحية القريبة لكي أُطعم أخاك "يوسف" ضد مرض شلل الأطفال
قالت مريم : - كيف يا ماما؟
قالت ماما : - سوف أطعمه في فمه مثلما طعمتك أنت عندما كنت في مثل عمرهوأنت تتذكرين يا "مريم" أنك مازلت تطعمين حتى الآن بجرعات منشطة ضد هذاالمرض اللعين.
قالت مريم : - ما هو هذا المرض يا ماما؟
قالت ماما: - إنه مرض شلل الأطفال يا "مريم" وقد اكتشفه عالم كبير كانمهتماً بالأطفال وصحتهم وهو العالم "سولك" وهو عبارة عن فيروس دقيق يصيبالأطفال.
قالت مريم وهي تريد أن تعرف المزيد عن هذا المرض: - ولماذا تقولين عليه أنه مرض لعين؟
قالت ماما بهدوء: - لأنه عندما يصيب الأطفال يجعلهم عاجزين عن الحركة فلا يستطيعون الحركة أو الجري أو اللعب.
قالت مريم بلهفة: - أسرعي يا ماما لكي تطعمي أخي "يوسف" حتى نلعب معاً لأنني أحب اللعب معه كثيراً.
قالت ماما: - جميل يا "مريم" أن تحبي اللعب لأنه مفيد جداً للأطفال وأجمل أن تحبي اللعب مع أخيك الوحيد "يوسف".
قالت مريم : - وماذا تريدين منى أن أفعل يا ماما.
قالت ماما : - سوف استيقظ مبكراً حتى أستطيع اللحاق بالوحدة الصحية لكي لايفوتني موعد الجرعة وأرجو عندما تستيقظين ولا تجديني لا تقلقي لأنني لنأتأخر.
قالت مريم: - حاضر يا ماما .... لن أقلق حتى تأتي.
في الصباح خرج بابا "مريم" لعمله كالمعتاد ، كما خرجت ماما لكي تطعم"يوسف" الذي ولد منذ شهور ليست بالقليلة ، وبينما "مريم" بمفردها فيالمنزل وهي غارقة في النوم كعادتها – إذ بالقطة تقترب منها تحاول إيقاظهاوهي تدفع بقدمها الصغير كتف "مريم" وتقول لها: - مريم ... مريم ...استيقظي يا مريم. بعد محاولات لم تمل من كثرتها القطة استيقظت "مريم"وقالت للقطة ومازال باب النوم عالقاً بجفونها: - ماذا تريدين أيتها القطة؟قالت القطة بتوسل: - إنني جائعة وأريد أي شئ آكله. قالت مريم باندهاش : -جائعة !! وماذا أستطيع أن أفعل لك أيتها القطة المسكينة؟ قالت القطة وهيتكاد أن تفقد الأمل في إيجاد أي طعام : - أرجوكِ يا "مريم" ... أرجوكِأعطيني أي طعام لكي أتناوله فإنني أكاد أن أموت من الجوع.
اغرورقت عينا "مريم" بالدموع لمنظر القطة الجائعة وقالت لها: - سامحينيأيتها القطة المسكينة لأنني بمفردي في المنزل حيث أن ماما ذهبت لكي تعطيالطعُم لأخي "يوسف" حتى لا يصيبه مرض شلل الأطفال ويستطيع اللعب معي وأنالا أعرف ماذا أفعل لك؟ قالت القطة بنفس توسلها: - أرجو أن تحاولي ....أرجوكِ يا "مريم". قالت مريم : سوف أبحث لكِ عن أي شئ داخل الثلاجة علنيأجد لك ما يسد رمقك ويخلصك من هذا الجوع القاتل. قالت القطة بلهفة: -بسرعة يا "مريم" .... بسرعة .
ذهبت "مريم" إلى المطبخ وأخذت تبحث في كل مكان عن أي شئ تستطيع أن تقدمهللقطة الجائعة.. لكنها لم تجد شيئاً وعندما همت بالعودة إلى القطة لكيتخبرها بأنه لا يوجد شئ تستطيع أن تقدمه لها لكي تأكله تذكرت أن ماما قالتلها بالأمس أنه يوجد بالثلاجة قليل من اللبن سوف يشربه أخوها "يوسف" بعدأن يعود من التطعيم. قالت مريم للقطة: - يا أيتها القطة المسكينة أنه لايوجد بالمنزل سوى قليل من اللبن وهو طعام الإفطار لأخي "يوسف" ولا أستطيعأن أتصرف فيه لأن ذلك قد يغضب ماما مني. قالت القطة وقد بلغ بها الجوعمداه: أرجوكِ يا "مريم" أعطيني اللبن لكي أشربه ولن تغضب منك ماما أبداًلأنك فعلت خيراً ولا يغضب أحد من فعل الخير. قالت مريم : - وأن لم تغضبماما فهل يرضيك أن يعود أخي "يوسف" ولا يجد شيئاً يأكله؟ فقد يعود هوالآخر جائعاً!! قالت القطة : - ماما سوف تنصرف في إطعام أخيك "يوسف" لأنهاكبيرة وتستطيع ذلك ولكن أنقذيني الآن وأعطيني اللبن لأشربه.
رق قلب "مريم" الصغير لحال القطة الجائعة وأعطتها بسرعة اللبن الذي ما إنوضعته "مريم" أمامها حتى انكبت عليه القطة بلهفة وشربته حتى آخر نقطة فيالطبق. بعد أن فرغت القطة من شرب اللبن وشعرت بالشبع قالت: - هذا جميلكبير منك يا "مريم سوف يطوق عنقي حتى يقدرني ربنا وأستطيع أن أرده لكِقالت مريم: - لا تشغلي بالك بهذه الأمور فأنت قطة صغيرة وضعيفة فكيف تشغليبالك برد الجميل من عدمه ؟ قالت القطة: - ربنا كبير ... والله خلق كل كائنوله هدف من خلقه لهذا الكائن مهما كان هذا الكائن كبيراً أو صغيراً ...سميناً أو نحيفاً .... طويلاً أو قصيراً. ضحكت "مريم" ولم تجد القطة بداًمن الاستئذان منها والانصراف وبعد أن انصرفت القطة عادت ماما بعد أن أطعمت"يوسف" فقصت عليها "مريم" قصة القطة الجائعة وقصت عليها أيضاً ما فعلته معها فابتسمت ماما وقالت لها: - حسناً فعلت يا "مريم" فالقطط حيوانات أليفه وتحب الإنسان كثيراً كما أنها تستطيع أن تقدم له الكثير من الخدمات التي يعجز غيرها من الكائنات عن تقديمها. ضحكت مريم بصوت عال أثار انتباه ماما فقالت لها ماما: - على ماذا تضحكين يا "مريم"؟ قالت "مريم" والضحكةلم تفارق شفتيها بعد: - كأنك كنت معنا يا ماما ... تصوري أن القطة قالت ليأن ما فعلته معها جميل كبير يطوق عنقها وأن ربنا يقدرها وتستطيع أن تردهلي،وتعجبت أنا كثيراً لما قالته.
ردت ماما عليها وهي تربت علي كتفها بحنان: - ربنا كبير يا "مريم" واللهخلف كل كائن وله هدف في خلقه لهذا الكائن مهما كان هذا الكائن كبيراً أوصغيراً ... سميناً أو نحيفاً ... طويلاً أو قصيراً وقد تثبت لك الأيام عكسما تظنين. طلت تساؤلات الدهشة من عيني "مريم" وقالت : - نفس كلام القطةتماماً على كل حال أنت لست حزينة أو غضبانه مني لأنني تصرفت بمفردي هكذاوأضعت طعام أخي "يوسف". قالت الأم بنفس حنانها الأمومي الذي غمر "مريم": -بالعكس يا "مريم" كنت ساكون حزينة وأغضب منك كثيراً لو أنك فعلت عكس ذلكوتركت القطة لوحش الجوع يفترسها دون أن تساعديها. قالت مريم بفرح: - يعنيهذا عمل خير يا ماما. ردت ماما بسرعة: - طبعاً يا حبيبتي هذا العمل خيرولن يضيع الله أجر من أحسن عملاً. قالت مريم وهي تقبل يديها على الوجهين:- الحمد لله .... الحمد لله.
مرت الأيام وبعدها الشهور وحان موعد إعطاء جرعة التطعيم التنشيطية لمرضشلل الأطفال وكالعادة في المساء نبهت ماما ابنتها "مريم" بعدم القلق لتأخرها خارج المنزل أو الخوف من تواجدها بمفردها داخل المنزل بعد أنيغادره أبوها للعمل أومأت "مريم" بالإيجاب لكلام أمها "فمريم" تحب كثيراًأن تطيع أبيها وأمها حتى تنال رضاهما وحبهما لها ... في الصباح خرجت مامالكي تطعم أخيها "يوسف" وبعدها بقليل خرج بابا للعمل،وبينما "مريم" غارقةفي النوم كعادتها شعرت بشيء غريب يأكل في أصابعها ... استيقظت "مريم" فزعةوازدادت ذعراً عندما شاهدت فاراً صغيراً يحاول أن يلتهم أصابعها الصغيرة... ظلت "مريم" تصرخ وتصرخ ولا أحد يسمعها ... والفأر يمرح أمامها علىالسرير بنشوة لما يراه من فزع وهلع "مريم"... مازالت صرخات "مريم" تملأالمنزل حتى اخترقت جدرانه وملأت الشارع فوصلت الصرخات إلى أذن القطة التيكانت تلهو بالشارع أسفل منزل "مريم" تماماً عرفت القطة أن هذه الصرخات"لمريم" فهرولت إلى منزل "مريم" محاولة الدخول ولكن الباب الموصد بإحكاممنعها من ذلك.
لم تيأس القطة ففكرت بسرعة وبسرعة أكثر قفزت إلى البلكونة التي توجد فيحجرة "مريم" فوجدتها مازالت تصرخ والفأر يجري أمامها على السرير ... وثبتالقطة وثبة واحدة انقضت فيها على الفأر الذي لم يستطيع الإفلات من هولالمفاجأة والتهمته على الفور. بعدها أخذت تهدأ من روع "مريم" وهي تقول لها: - لا تخافي يا "مريم" ... لقد انتهى كل شئ. هدأت "مريم" وقالت للقطةمن بين دموعها التي مازالت تنهمر من عينيها : - أشكرك .... أشكرك ياصديقتي القطة لم أكن أعرف أنه من الممكن أن يأتي اليوم الذي ستنقذيني فيهمن أي مكروه أتعرض له. قالت القطة بفرح: - هل أدركت الآن يا مريم كيف أنالله له حكمة في خلقه وها هو الله عز وجل قدرني وجعلني أرد الجميل لك.ضحكت "مريم" لكي تتغلب على ما تبقي من خوف داخلها وقالت: - نعم أيتهاالقطة الحبيبة...من الآن أنت صديقتي وأنا صديقتك فهل تقبلين ؟ قالت القطةبنفس فرحتها: - نعم أقبل يا "مريم" ... أقبل أن نكون أصدقاء إلى الأبد؟أمسكت "مريم" بقدم القطة وأخذا يتسامران معاً حتى عادت أمها بعد أن أطعمتأخيها "يوسف" الجرعة التنشيطية ضد مرض شلل